إن العالم الذي نعيش فيه اليوم يتطور بشكل سريع ومستديم، وإذا صحت التوقعات والتخمينات فإن القرن الحالي سيشهد تحولات متتالية في ظرف دولي ثقافي مختلف عما عرفته الإنسانية حتى الآن. وسيؤدي تطور العلوم العصرية والتكنولوجيا إلى تغيير البنية المعرفية وكذا نمط الحياة الفردية والجماعية للمنظومة الدولية جمعاء.
وانطلاقا مما تقدم، فإن الجيش بوصفه إحدى دعائم الدولة، يعير أهمية خاصة لرفع قدرات أفراده المعرفية.
ونظرا لذلك، أصبح اختيار الرجال المكلفين بحمل السلاح للدفاع عن الوطن وتكوينهم، والمكانة التي تمنحهم الأمة والاهتمام الذي توليهم إياه، مكونات أساسية لما أصطلح على تسميته بالمصادر البشرية للدفاع. وهي المصادر التي يتم تسييرها بناء على الكفاءات الفردية والقدرة على الخدمة.
إنها صفات لايمكن توافرها إلا باكتساب العلم الذي يعتبر سلاحا صالحا لكل زمان ومكان.
ثم إنه يبدو ضروريا إزاء ظهور وانتشار أسلحة جديدة معقدة، معرفة نظم تشغيلها والضوابط والقواعد العالمية المرتبطة باستخدامها.
ولن يتسنى ذلك إلا بتكوين أطر المؤسسة العسكرية تكوينا مهنيا مستمرا، يكسبهم مهارات حقيقية ويمكنهم من امتلاك ناصية الثقافة الفنية المتعلقة بتشغيل الأسلحة الحديثة وتفادي الأخطار الملازمة لاستخدامها.
إن الثقافة التي يمكن وصفها بالفنية تفرض نفسها أكثر من أي وقت مضى ولا غرابة في ذلك. أليس من الطبيعي أن تعم في عصر التقنيات الثقافة التقنية ؟
إن عصرنا الحاضر هو بحق عصر الحضارة التقنية بدليل أنه ظهر مع كل فجر جديد معدات أكثر إتقانا، مما يتطلب تخصصا مهنيا حقيقيا وتطورا سريعا في إجراءات التنفيذ، حيث أصبحت المعرفة اللازمة لهذا الزمان مضمونا قائما في الأذهان كما هي موقف وسلوك.
وفي هذا الإطار صدق من قال: " إن القيمة الحقيقية للإنسان تقاس بما يمتلكه من العلوم"، ويضيف آخر:"لايعتبر إنسانا إلا من جمع مع ممارسة مهنته مهارة فنية واستنار بثقافة عامة واسعة".
وعليه تصبح الثقافة المثالية تلك التي تمزج بين الثقافة العامة والثقافة الوظيفية المهنية.
وهذا يبين بجلاء ضرورة الاستفادة من الوسائل الكثيرة التي تضعها تحت تصرفنا الحضارة المعاصرة. ويستنتج مما سبق في ظل العولمة الحالية وانطلاقا من المبدأ أن "الإنسان هو الثروة " حتمية تنمية معارف أفرادنا وتشجيع كفاءاتهم، نظرا لما تمنحه المعرفة للإنسان من القدرة على تحقيق رغباته حاضرا ومستقبلا.
معتمد عقيد حننه ولد هنون
التاريخ 2007/6/01