تمثل الكوارث تهديدا لحياة الإنسان وممتلكاته، وكذلك للمقومات البيئية للدولة، كما تدمر المنشآت والبنية الأساسية وتؤثر على سلامة واستقرار المجتمع. وتصنف الكوارث علميا إلى كوارث طبيعية واصطناعية، وإذا كان من الممكن حاليا التنبؤ ببعض الكوارث الطبيعية، إلا أننا مازلنا عاجزين عن منع وقوعها وكل مل نفعله هو الاستعداد لمجابهتها في الوقت المناسب. وتمثل مواجهة الكوارث، سواء كانت طبيعية أو اصطناعية واجبا مصيريا يستوجب الخروج عن الأنماط التقليدية بكفاءة عالية وحسن توظيف الإمكانيات والطاقات، والتنسيق الدقيق بين الجهات المعنية بالدولة للتقليل من حجم الخسائر المترتبة عليها وتقليل آثارها المدمرة، وسرعة استئناف الحياة العادية استعدادا لمجابهتها في الوقت المناسب...
تعريف الأزمة:
الأزمة هي الحد الذي يبلغه التناحر الدوري حيث يؤدي إلى تعطيل سير النظام أو يحول دون تأديته لإحدى وظائفه. ولهذا السبب تحدد طبيعة الأزمة وفقا لطبيعة النظام وبحلول القرن التاسع عشر تواتر استخدامها للدلالة على ظهور مشكلات خطيرة أو لحظات تحول، في تطور العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وقد تحدث كارل ماركس في كتاباته عن "الحتمية التاريخية" عن أزمات الإفراط في الإنتاج، وتفاقم كل من هذه الأزمات عن سابقتها، وفي العام 1937 عرفت دائرة معارف العلوم الاجتماعية الأزمة بأنها "حدوث خلل خطير ومفاجئ في العلاقة بين العرض والطلب في السلع والخدمات ورؤوس الأموال". وللأزمة الدولية مفاهيم متعددة منها:" إنها سلسلة التفاعلات المتبادلة بين حكومات دولتين أو أكثر ذات سيادة في صراع حاد هو دون مستوى الحرب الفعلية، ولكنه في الوقت نفسه ينذر باحتمال وقوع الحرب".
أنواع الأزمات وتقسيمها:
إن حدوث الأزمات قديم قدم التاريخ، إلا أن أصحاب القرار الإداري لم يدركوا أهمية إدارتها إلا في السنوات الأخيرة نتيجة لتسارعها وتنوعها وتلاشي حدودها، وتخلي معظم دول العالم عن محليتها، مما أدى إلى تحولها إلى أزمات شبه عالمية تلقى اهتماما. ذلك أن أزمة النفط في فينزويلا على سبيل المثال يمكن أن يكون لها أثرها في مناطق أخرى من العالم، وأزمة الديون يمكن أن تكون عالمية وأزمة البطالة في دولة ما يمكن أن تؤثر على دولة أخرى، كما أن المتتبع لوسائل الإعلام المختلفة يجدها لا تخلو من خبر عن الأزمات مثل:
أـ الأزمات الاقتصادية
ب ـ أزمات الشركات المتعثرة
ج ـ أزمة البطالة، أزمة السيولة، أزمة الأحزاب، أزمة الصناعات.
د ـ أزمة الإدارة، أزمة القطاع العام، أزمة المخزون، أزمة الدواء، أزمة التسويق.
هـ ـ أزمة مفاعل تشرنوبل
و ـ أزمة الشرق الأوسط، أزمة العراق، أزمة الرهائن
ز ـ أزمة التصحر
ح ـ أزمات أخرى عديدة لا مجال لذكرها جميعها ولكن الأنواع التي ذكرت أعلاه تعطي القارئ تصورا بما يمكن تسميته بأزمة.
مفهوم إدارة الأزمات:
يرى الخبير الإداري د.مادج شدود أن إدارة الأزمات يجب أن تنطلق من إدارة الأزمة القائمة ذاتها، وذلك في إطار الاستراتجية العامة للدولة، وهذا يتطلب تحديد الأهداف الرئيسة و الانتقائية للدولة خلال الأزمة والتحليل الاستيراتجي المستمر للأزمة وتطوراتها، والعوامل المؤثرة فيها، ووضع البدائل والاحتمالات المختلفة وتحديد مسارها المستقبلي من خلال التنبؤ والاختيار الاستراتجي للفرص السانحة وتحاشي المخاطر التي تجلبها الأزمة أو التقليل منها، حيث يتطلب ذلك معلومات وافرة ومعطيات مناسبة وإدارة رشيدة.
عوامل نشوب الأزمة:
تعود أسباب نشوب الأزمات إلى عدة اسباب قد تكون نتائج تفاعل عوامل نشأت قبل ظهورها أو:
ـ سوء الفهم والإدراك أو سوء التقدير والتقييم أو الرغبة في الإبتزاز و استعراض القوة وتعارض المصالح كما تنشب الأزمات من أجل الموارد كالمياه والغذاء والمراعي.
ـ أزمات النظام الرأس مالي والصراع الإبيولوجي والاجتماعي، والصراع على الأسواق ومصادر المواد الأولية
ـ الصراع السياسي على السلطة بين الأحزاب المختلفة
ـ الصراع على الهيبة والنفوذ، بالإضافة إلى الأسباب الاجتماعية والاقتصادية للصراع.
خصائص الأزمة:
من هذه الخصائص التي تؤثر سلبا ضيق الوقت والشعور بالخطر الداهم والتوتر المرافق لاتخاذ القرار في ظروف استثنائية. وتتطلب الأزمة مهارات إدارة الأزمة والقيادة واتخاذ القرارات وإدارة الموارد البشرية والمادية إلى جانب مهارات الاتصال ومهارات التفكير الإبداعي والأخلاقي.
ـ يحتاج التعامل مع الأزمات لتوصيات لابد أن تراعى ولهذا يقدم الباحثون عدة توصيات للتعامل مع الأزمة، وهي:
أ ـ تحديد الهدف
ب ـ الحشد والتعامل
ج ـ الاحتفاظ بحرية الحركة
د ـ تحديد التعامل مع معالجة الأزمة
هـ ـ الاقتصاد في استخدام القوة
و ـ التفوق في السيطرة على الأحداث
ز ـ الاحتفاظ بعنصر ومبادئ المباغتة
ح ـ التأمين للأرواح والممتلكات والمعلومات
ط ـ المواجهة السريعة التعرض السريع للأحداث
ي ـ استخدام الأساليب غير المباشرة كلما كان ممكنا
المنهج المتكامل للتعامل مع الأزمة:
يعتمد المنهج المتكامل للتعامل مع الأزمات على عدة مراحل هي:
أ ـ مرحلة الاختراق لجدار الأزمة
ب ـ مرحلة التحكم و السيطرة على موقع الأزمة
ج ـ مرحلة توسيع قاعدة التعامل، ومد جسور ومجسات الاختبار
د ـ مرحلة الإنتشار السريع لتدمير عناصر الأزمة، وشل حركتها
هـ ـ مرحلة التوجيه لقوى الفعل الإداري الصانعة للأزمة في مجالات أخرى
و ـ مرحلة التمركز وإقامة قاعدة للتعامل مع عوامل الأزمة بعد اختراقها
مراحل الأزمة:
تمر معظم الأزمات بخمس مراحل هي:
ـ مرحلة اكتشاف مؤشرات الإنذار المبكر
ـ مرحلة الاستعداد والوقاية
ـ مرحلة احتواء الأضرار والحد منها
ـ مرحلة استعادة النشاط
ـ مرحلة التعليم.
مقدم محمد ولد ودو
التاريخ 2009/11/01