الفكر العسكري نحو استدلال مغاير

يعتبر الفكر العسكري سلسلة متطورة من الحلقات التى تستتبع إحداها الأخرى، على أن كل حلقة تعتبر نهاية لمستوى معين من التنظير العسكري وبداية لمستوى آخر مغاير فى الفهم والسلوك. وحتى لانذهب بعيدا فى التأطير التاريخي للموضوع الذى قد يأخذنا إلى عوالم يوتوبية بعيدة عن الواقع، موغلة فى الضبابية، سنكتفى بالقول إن تاريخ هذا الفكر مرتبط بوجود الإنسان على هذه الأرض وصراعه مع (الآخر)المحيط به. وسعيا إلى معرفة المستوى الذى وصله هذا النشاط الذهني فى العالم العربو-إفريقي، نرى أنه من الأمثل التساؤل عن المراحل التى قطعها ؟ وعلاقة العالم العربي والإفريقي بهذا الحقل ؟

وللإجابة، فإنه وعلى الرغم من افتقار الباحثين لقاعدة معلومات ثرية فى هذا الميدان، تمدهم بالمعلومات المتعلقة بالموضوع المعالج، فإنه يمكن القول، بعد إمعان إن الفكر العسكري هو "كل نشاط ذهني يأخذ من الشأن العسكري على المستويين النظري والمادي مادة له"، وليس غريبا أن لا يتفق الباحثون حول البدايات، ولعل السر وراء ذلك هو ارتباط الموضوع بالتاريخ، حيث التأويل المتباين والقطائع الابستملوجية وحيث يجد الدارس نفسه فى صراع مع ذاته بسبب الميول والعواطف. وعلى الرغم من ذلك، يمكن القول إن بداية الفكر العسكري مرتبطة بشكل جوهري بصراع الإنسان على هذه الأرض. ففى الوقت الذى رأى البعض أن حادثة قتل قابيل لهابيل شكلت البداية الفعلية، يرى آخرون أن الخوف مهما كان مصدره هو الذى دفع الإنسان إلى التفكير فى وجود وسائل مادية وطرق وحيل نظرية، تجعله يشعر بالأمان حتى يضمن بقاءه واستمراره. غير أن الوسائل تلك سرعان ما تطورت وارتبطت بمستوى الانتلجانسيا التى شهدتها كل حقبة، وذلك حسب تعدد المدارس والعقائد التي تختلف باختلاف الأمم والشعوب والإمبراطوريات. وقد ساهمت جملة من المسببات فى دفع هذا النشاط إلى الأمام، حيث السيطرة والاستعمار والتطلع إلى الاستيلاء على الأراضي وموارد الغير تحت شعارات واهية (نشر الحضارة)، أظهرت الأيام زيفها.

وقد شهد عالمنا حروبا ونزاعات مسلحة (الحربين العالميتين الأولى والثانية) التى لاتهمنا الأسباب التى أدت إلى اندلاعها بقدر ما يهمنا المستوى العسكري الذى ظهرت به الجيوش فى مستواها التعبوي والتكتيكي، وجاهزيتها من حيث العتاد (طائرات، دبابات، أسلحة تقليدية وغير تقليدية) وأساليب قتال حديثة، وكانت الغلبة فى أحيان كثيرة من نصيب من يمتلك المستوى العلمي الأرفع وبالتالي ماتت مقولة "سير له جيشا قوامه كذا ".

واذا كان الآخر قد ابتكر وصنع وعمد إلى إنشاء مراكز دراسات تعمل على تطوير أساليبه ونظمه التعبوية، فإن الغالبية العظمى من دول العالم الثالث، وإن كانت قد شهدت حالات مروق على ما قبل الاستعمار، إلا أنها لاتزال آخذة بالأساليب التكتيكية القديمة دون إحداث أي تغيير عليها، وكأن الآخر قد دجن هذه الشعوب حتى أنه لم يعد بمقدورها التفكير فى تجديد وتحديث أساليبها فى التقدير. والمتتبع للحروب الحديثة يخرج بجملة من الملاحظات أهمها:

أولا: إن الجيوش التى لاتمتلك طرقها التعبوية الخاصة هي جيوش مكشوفة، وذلك لا يعنى بالمرة الإلغاء الكلي لما عند الآخرين، بل إن الإستفادة منه ضرورية لكونه موروثا عسكريا إنسانيا تجب الإستفادة منه، بل وتضمينه فى التجربة المحلية.

ثانيا: إن العامل البشري ذو المميزات المتعددة قادر على خلق التوازن مع الآلة، بل والتفوق عليها.

وإذا كانت هذه مجرد استنتاجات مقتضبة تفاديا للإطناب، فإنه من المناسب إقامة مراكز عسكرية، تعنى بخلق أو التفكير فى خلق تعبئة محلية، تراعى كل جديد فى هذا المجال.


نقيب محمد الأمين ولد يمبابه


أربعاء, 08/08/2012 - 10:50

كان الجيش الوطني شاهدا على لحظة ميلاد الدولة وراعيا لمرحلة التأسيس وحاضرا في عملية البناء وفاعلا في صنع المستقبل...
كان منذ البداية عينا ساهرة على أمن المواطنين وعزة الوطن ولسوف يظل على هذا النهج.

تابعنا على فيسبوك