"إن عظماء الرجال هم أكبر في الذكرى من المألوف، و ما نراه فيهم هو في نفس الوقت أفضل ما فيهم و أفضل ما فينا"
هناك رجال تركوا بصمات لا تنمحي في ذاكرة شعوبهم وأوطانهم بنوا وأعطوا و اجتهدوا ... و رحلوا في صمت، إنهم أبطال الأمة وروادها. من بين هؤلاء وزير الدفاع الأسبق حمدي ولد مكناس، أحد أولائك الوطنيين الذين قدموا طوال حياتهم كل شيء لموريتانيا، من أجل بنائها وإخراجها من مأزق و التبعية.
يري أولائك الذين عاشروا حمدي،من ساسة و رجال إعلام أنه كان مشبعا بقيم الإسلام و قيم المجتمع الموريتاني،كيسا ، كريما و عادلا بطبيعته.كان يحب الفطرة وكان شديد الميل إلى الأصالة الموريتانية.إن كل من يذكرون يصفونه بالتواضع و السرية و القناعة و التقى و الدماث،كما كان بشوشا و متعاونا و يتمتع بكارزمية تجاوزت حدود بلده.
بعد دخوله الحكومة الموريتانية في منتصف عقد الستينات ،ساهم حمدي ولد مكناس بفعالية في بناء موريتانيا المعاصرة،ففي هذا الظرف الدولي غير المستقر و العدائى، وجد حمدي ولد مكناس نفسه سنة1968 مكلفا بإدارة وزارة الخارجية للجمهورية الوليدة،التي كان عليها النهوض كدولة مستقلة لتأخذ مكانها في مصاف الأمم الحرة،حيث قاد الدبلوماسية الموريتانية ببراعة نادرة طيلة عقد من الزمن، و كان زعماء العالم يستشيرونه في القرارات ذات الطابع الجيوسياسي خاصة الأفارقة منهم .كانت مؤهلات حمدي الدبلوماسية التي تعترف بها المجموعة الدولية وإفريقيا هي التي جعلت منه المنقذ للأمين العام الجديد لمنظمة الوحدة الإفريقية في انتخابات سنة 1974 التي كانت ستضع القارة في مأزق سيقودها إلى تناقضات كبيرة...
كان وفيا لقناعته و كان يلقب "برجل الأوقات الحرجة" طور الدبلوماسية و نمى الحوار بين الشعوب و الأمم، وكان مطلعا و متابعا للقاءات الدولية التي تتمحور حول السلام الدائم، وقد تجسد ذلك سنة 1969 حينما نجحت مبادرته في جمع سفراء الدول الإسلامية المعتمدة لدى الأمم المتحدة، بعد حريق المجسد الأقصى، ذلك الجمع الذي تمخض عن قمة الملوك و الرؤساء ورؤساء الحكومات، حيث شكلت هذه القمة مناسبة لزيارة رئيس الجمهورية السيد المختار ولد داداه للمملكة المغربية لأول مرة،و في هذا اللقاء ولدت فكرة المؤتمر الإسلامي للحوار بين الشعوب إفريقيا و آسيا و أوروبا .
كان يؤرقه كثيرا التدهور المستمر لتماسك الوحدة الوطنية و خطر التصدع الطائفي،الذين كانا يترصدان موريتانيا. كان عليه أن يواجه المسائل الحقيقية التي كانت تعرقل بناء الأمة الموريتانية
كان مناصرا لا يلين لموريتانيا متصالحة مع ذاتها و كان يتقبل بفخر إنتماءه العربي الإفريقي، لقد أكد حمدي ولد مكناس لمجلة "جن آفريك" ما يلى"أنا أتموقع سياسيا حيث كنت دائما، بعيدا من كل تطرف وعن كل تعصب كما أنني معني بمصير بلدي ووحدته و استقلاله و إزدهاره، و في جميع الحالات، سأحاول دائما قدر المستطاع، حيث ما وجدت وبشكل مناسب، أن أكون مفيدا لموريتانيا"...
... وفي يوم 15 سبتمبر سنة 1999 إنتقل حمدي ولد مكناس إلى رفيق الأعلى، و خسرت موريتانيا أحد المع أبنائها...
محطات في حياة الرجل
ولد سنة 1932 في جزيرة تيدرة (داخلة نواذيبو)
1941ـ1974: المدرسة الابتدائية في بوتلميت
194ـ1954 :تكوين المعلمين فب بوتلميت
1956ـ 1957 :رئيس ديوان وزير الوظيفة العمومية
1957ـ 1959 :ثانوية ميشليه و ثانوية ماسنا في نيس
1960ـ 1966 : كلية الحقوق بالسوربون
1966ـ1966: مفوض السامي للشباب والرياضة
من 1968/07/05 حتى 1970/04/03 وزيرا للشؤون الخارجية والتعاون
من 1970/04/03 حتى 1970/ 04/13 وزير للدفاع الوطني
من 1970/04/13حتى 1978/07/10 وزيرا للشؤون الخارجية والتعاون
من 1977/11/18 حتى 1999/09/15 وزيرا مستشارا برئاسة الجمهورية
الشهادات:
ـ شهادة الدروس الإعدادية في بوتلميت
ـ شهادة الباكالوريا بثانوية ماسنا في نيس
الليسانس و الدكتورا في القانون العام (شعبة العلاقات الدولية) في جامعة السوربون بباريس