سيرة حب و عطاء
بعد معانات مريرة مع المرض على مدى سنوات رحل العقيد جالو محمد (اببه جالو) فجر السابع من يناير 1998 في سكينة ووقار...كان محاطا بذويه،و محبيه..وقد انتظر هذه اللحظة الموعودة كثيرا،فهو رجل مؤمن،بل وشديد الالتزام.
لذلك فقد أخذ عدته، و تهيأ للسفر الأخير..رحل في صمت ووقار،تاركا وراءه أسرة مفجوعة و أصدقاء مصدومين و مؤسسة عسكرية يتيمة.أثناء مسيرته المهنية الحافلة كسب الرجل احترام و محبة الكثيرين،لذلك فقد ندبه الجميع..
عرف الفقيد بتواضعه الجم وتميز بثقته بنفسه و بحبه للآخرين، و اشتهر بعطفه ورفقه بالضعفاء.
كان يولي عناية خاصة لمرؤوسيه، فغرس في نفوسهم احترام المثل العليا و القيم،وعلمهم التشبث بالفضائل و الشرف فكان بالنسبة لكل من عرفه نموذجا حيا للضابط القويم و الإنسان المثالي،وجعلت منه حيويته و شهامته شبه كائن خارق.
كان أبا حنونا و عطوفا،ربى أبناءه فأحسن تربيتهم فجعل منهم امتدادا لشخصية الإنسان الموريتاني في تنوعها وثرائها و قيمها "كان أحسن الآباء و أكثرهم حنانا"يقول عنه أحد أبنائه،وكان بإجماع كل من عرفوه متعلقا بذويه،ومرتبطا أشد الارتباط بمحيطه الطبيعي.
ولد سنة 1937 في أبي تلميت لأبيه جالو الشيخ و لأمه مريم جاكيتي... أثناء سنواته الأولى،حلم الطفل جالو محمد بالجندية،فكان له ما أراد،حيث التحق بالجيش الفرنسي فاتح أغسطس 1957 وحول إلى الجيش الموريتاني الوليد سنة 1962، وحصل على رتبة ملازم فاتح نوفمبر 1962. تلقى تدريبات في المنشآت و المدرعات ما بين 1962 و 1965 في مدارس (سومير وسان مكزين).
وبعد عودته إلى أرض الوطن تدرج في مسار مهني غني و متنوع، تميز على الخصوص بفترات قيادته للمدرسة العسكرية لمختلف الأسلحة وعدة مناطق عسكرية أخرى.
كما عهد إليه بمناصب عليا في الإدارة الإقليمية،واستلم وظائف عسكرية سامية كمدير للديوان العسكري لرئيس الجمهورية وقائد لأركان الحرس الوطني، وقائد للأركان الوطنية.
حصل العقيد جالو محمد على ميدالية شرف من الدرجة الثالثة ورقي فارسا وضابطا وكوماندورا في نظام الإستحقاق الوطني،كما تقلد وشاح ضابط كبير.
حين أحيل العقيد جالو محمد إلى التقاعد في 29 مارس 1995 وبعد 38 سنة قضاها في خدمة الوطن، أمضى أيامه الأخيرة بين نواكشوط و بوتلميت،متفرغا للتأمل والعبادة مهتما بأسرته و أبنائه (أربعة أبناء و ثلاثة بنات)..